هند عروب تكتب..إلى قَرَابِين ” العهد الجديد”

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
هند عروب تكتب..إلى قَرَابِين ” العهد الجديد”

هند عروب
لم تعد سنوات الرصاص – التي لم تختف عن الوجود حتى تولي كاشفة عن أنيابها- بحاجة إلى اساليب الاختفاءات القسرية و المعتقلات السرية، فسنوات رصاص ” العهد الجديد” تعرب عن نفسها في واضحة النهار، تعتقل و تُعذب و تُحاكم و تُنهي حياة الأبرياء بلا حسيب و لا رقيب. لقد أضحى الوطن معتقلا بل جدران و شوارعه صارت دهاليز ينعدم فيها الأمان و تتفجر فيها كل الاختلالات الاجتماعية و الاقتصادية و السلوكية و النفسية، فحوادث الاغتصاب و السرقة و الاعتداءات و التشرميل شاهد على ذلك.
و ما كنا نتمى أن يحل عيد الأضحى في مثل هذه الأجواء، فنسأله لما عاد و بأي حال عاد. كنا نتمنى كمغاربة محبين لوطنهم أن يعم الحبور كل البيوت فرحا بقدوم العيد. فعائلات معتقلي الريف و فاضحي الفساد و المظلومين ممن كيلت لهم التهم في كافة أنحاء البلاد، -قلت- إن عائلات المعتقلين و المتضامنين معهم كانوا يأملون أن يلتفت ملك البلاد إليهم مع قرب حلول العيد، لكن أمير المؤمنين فضل قصلهم عبر خطاب العرش و تجاهلهم في خطاب ثورة الملك و الشعب. أعتقد أن كتاب الخطب الملكية نسوا أن ثورة الملك و الشعب، تكمن في بناء جماعي لوطن قوي لا يحتاج فيه أبناءه للخروج إلى الشوارع و الصراخ من أجل أبسط الحقوق التي تكفل لهم و لعائلاتهم العيش الكريم، فهل نحن بحاجة في القرن الواحد و العشرين إلى الانتفاض من أجل بناء المستشفيات و الطرق و المدارس؟ أ لم يكن حري بالمؤسسة الملكية الانصات لمطالب المحتجين و ادخار جهد الانتفاض و القمع معا و توظيفه في البناء؟ فحتى دعم المغرب لافريقيا – الموضوع الذي ركز عليه خطاب ثورة الملك و الشعب- بحاجة إلى مغرب مكتف ذاتيا و متماسك اجتماعيا و منتج اقتصاديا و ديمقراطي سياسيا. فالقارة السمراء ليست بحاجة إلى مغرب يقمع و يجلد أبنائه و يجز بهم خلف قضبان المعتقلات، لأنهم طالبوا بحقهم الجوهري و الأصيل في الصحة و التعليم و السكن و العمل، حقوق تكفلها كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مواثيق لطالما تبجح النظام بسبق المصادقة عليها و بتضمين مقتضياتها في مواد دستور ممنوح نسج رياءا و للانفلات من الوقوع في شراك الانتفاضات العربية، دستور لا يصلح سوى للتعليق كديكورعلى جدر صالونات المهللين له.
فمن يعيد الحياة للعتابي و يكشف حقيقة موته أو قتله؟ هل فعلا ثمن الاستقرار يستحق إزهاق روحٍ ما فتئت أشرعة شبابها تنفتح على مسارات الحياة؟ و ماهي جريمة المهدي بوكيو القابع في السجن بتهمة هلامية تجعل منه إرهابيا رغم أنفه؟ لماذا آثر المخزن الزج بشباب الريف داخل السجون و عرضهم على محاكم التفتيش لتقصفهم بأحكام ثقيلة تتجاوز الأربعين سنة سجنا نافذة، وذلك بدل الجلوس إليهم و محاورتهم و الانصات لمطالبهم و العمل على تحقيقها؟. إن مطالب أهل الريف و جميع المغاربة المتضررين من انعدام البنيات التحتية مشروعة، فلعمري لو لم يكن الأمر كذلك، لما تصدق المخزن بالمساعدات الطبية على أهل الريف، و لما أرسل الفنانين في رحلة مكوكية عبر الطائرة إلى الحسيمة للترويج للمدينة سياحيا.
إن هذه المطالب الإنسانية و الأساسية و الجوهرية و البسيطة في ذات الآن، كان الصحفي حميد المهدوي- معية قلة من الصحفيين المؤمنين بنبل مهمتهم- صوتا لها، كما كان صوتا لمن لا صوت لهم. يبلغ عن الخروقات و آلام الضعفاء و يسلط الضوء على العديد من مكامن الاختلالات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية من أجل وطن أفضل، فلماذا يقبع المهدوي و ربيع الأبلق في السجن معية فاضحي الفساد و باقي المعتقلين من حقوقيين و طلبة و مناضلين؟ أفي مثل هذه الأجواء المشحونة بالأحكام الانتقامية على المعتقلين و الرداعة لمن ستسول له نفسه الانتفاض على القهر، قلت، أفي مثل هذه الأجواء سيحتفل المغاربة بعيد الأضحى؟ أنى للفرحة أن تنطلق و المعتقلون جورا لم يطلق سراحهم؟. أما الذين كفروا مقاطعة شعيرة النحر، فأسألهم هل عائلات الريف و كل المعتقلين ظلما بحاجة للتضحية بالأكباش و قد ضحوا بأبنائهم؟. إن أصوات الحق لا تُنحر لا بالسجن و لا بالقتل، ف”يوسف” أُلقي في غيابة الجب، و بعد سنين عجاف حَصْحَصْ الحق.

The post هند عروب تكتب..إلى قَرَابِين ” العهد الجديد” appeared first on بديل.

http://ift.tt/eA8V8J هند عروب تكتب..إلى قَرَابِين ” العهد الجديد”
via Badil.info هشام العمراني التسميات : #المغرب #كوميديا #يوتيوب #ناصر_الزفزافي #العياشة #المهداوي #هسبريس #شوف_Tv #تيفي #الريف #خطبة_الجمعة #الحسيمة #حراك_الريف #الحكومة #الماسونية #فقيه_الجامع #مؤدن #المسجد #وزارة_الداخلية #وزارة_الأوقاف_والشؤون_الإسلامية #البرلمان #بنكيران #الحكومة_المغربية #الصراحة_كوميك #badil_info #tvmaroc #shouftv #hespress #akhbar #alyoum24 #ramadan

0 تعليق على موضوع "هند عروب تكتب..إلى قَرَابِين ” العهد الجديد”"


الإبتساماتإخفاء