حراك الريف والملكية والإستثناء المغربي بعيون “واشنطن بوسط”

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
حراك الريف والملكية والإستثناء المغربي بعيون “واشنطن بوسط”

عن “واشنطن بوسط”/ ترجمة: سعيد السالمي

يحظى المغرب، منذ فترة طويلة، بسمعة أكثر الأنظمة استقرارا في المنطقة، إلا أن الاحتجاجات الجارية في إقليم الريف الشمالي طرحت عدة أسئلة حول ما يسمى بالاستثناء المغربي. اندلعت المظاهرات في العام الماضي بعد الموت الفظيع لأحد بائعي الأسماك، الذي أدى إلى ظهور حركة جماهيرية من أجل التنمية والكرامة وحكامة أفضل، أسفرت، الأسبوع الماضي، عن مقتل أول “شهيد” للحركة، وهو عماد العتابي.

بدأت الاضطرابات في أكتوبر، عندما صعد بائع الأسماك محسن فكري إلى شاحنة قمامة لاستعادة الأسماك التي صادرها منه موظفون حكوميون، وتم سحق فكري في بالآلة الضاغطة، في ما يبدو، بطلب من السلطات المحلية. الصور الأليمة لوفاته أخرجت الآلاف إلى الشارع في الريف وغيره. هذه المنطقة التي عانت، طيلة عقود من الزمان، من التهميش الإقتصادي والقمع السياسي والعنصرية تجاه الأقلية الإثنية الأمازيغية. فكري تحول اليوم إلى رمز للحركة الشعبية الإحتجاجية “الحراك الشعبي”، الذي قلب “الحكمة التقليدية” المغربية رأسا على عقب.

ما فتئ المسؤولون المغاربة ــ وحلفاء النظام الأجانب الذين لهم مصلحة مباشرة في الحفاظ على الوضع القائم ــ يروجون للإستثناء المغربي، وهي فكرة مفادها أن للمغرب مجموعة فريدة من الخصوصيات التي تحميه من عدم الإستقرار، ما يجعله جديرا بدعم خاص. وينبني مفهوم الإستثناء هذا، بشكل جزئي، على الشرعية الدينية للنظام الملكي، حيث يُعتقد أن الملك ينحدر من سلالة النبي محمد، وأنه “أمير المؤمنين”، ما يجعل الناس أوفياء له، وبالتالي بقي النظام مستقراَ. كان هذا هو الحال في البداية عقب وفاة فكري، حيث أن معظم المغاربة اتهموا السلطات، وفساد الشرطة بشكل عام، والدولة العميقة، وهلم جرا. ألقوا باللوم على الجميع، باستثناء الملك، الذي ظل فوق الصراع.

إلا أن الحراك استغل الغضب الشعبي للفت الانتباه إلى ما يعتبره المواطنين بشكل متزايد طغياناً واستحواذاً على الإقتصادي من طرف القصر. بدأ الحراك بالتركيز على الريف، والمطالبة بالتحقيق في وفاة فكري، والإغتيالات الغامضة السابقة أيام احتجاجات الربيع العربي في 2011. كما طالب المتظاهرون بتحسين البنية التحتية، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية وخلق مناصب الشغل في المنطقة. ومع تصاعد الاحتجاجات، ظهرت المطالب برفع العسكرة عن الريف، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ووقف التضييق على صغار مزارعي القنب الهندي (الريف هو المصدر الرئيسي إلى أوروبا).

الآن، باتت مسيرات التضامن الوطني تستخدم خطابا مناهضا الملك بشكل متزايد؛ في إحدى الحالات، استبدل المتظاهرون الشعار الوطني “الله الوطن الملك” بشعار “الله الوطن الشعب”. وفي إحدى المقابلات قال ناصر الزفزافي، القائد الكاريزمي للحراك: “إذا أراد الملك أن يكون أميرا المؤمنين، فعليه أن لا يستعبد شعبه”. وفي مونولوج آخر حماسي، تساءل الزفزافي عما إذا كانت مساجد المغرب ــ التي تملى عليها الخطبة من وزارة يسيطر عليها القصر ــ ملكاً لله أم للملك وحاشيته.

قبل سنة لم أكن لأستطيع أن أتخيل هذا الخطاب المناهض للنظام، ولكني أرى اليوم أن الحراك يهز بلداً غاضباً. قال لي ناشط بعيد عن الريف، في منطقة سوس الجنوبية: “هذا جعلنا نعلم أكثر عن ملكنا … عندما شاركت في المسيرات من أجل الإصلاح في أكادير، سنة 2011، كنت أردد “عاش الملك” ولكنني هذه المرة أقول “عاش الشعب”.

إن تنامي الوعي يعني القطع مع الهالة التي تحيط بالقصر منذ فترة طويلة. تلك الفكرة القائلة بأن الجنسية المغربية تعني أنك رعية الملك بدأت تندثر. وفي نهاية المطاف، فإن تظلمات المغاربة ــ استفحال البطالة، والتضخم، وانعدام العدالة الاقتصادية وشراسة الشرطة ــ تشبه تلك التي أدت إلى إسقاط الأنظمة المجاورة من السلطة قبل ست سنوات. كما أن حادثة فكري أعادت إلى الأذهان ما حدث في تونس سنة 2011، عندما قام بائع فواكه بإضرام النار في جسده بعد أن صادرت السلطات بضاعته هو الآخر، وهو الحدث الذي أطلق شرارة الربيع العربي. وكانت تونس، أيضا، تعتبر مستقرة، حتى اتضح انها لم تكن كذلك.
بدأت تظهر علامات انعدام الأمن على النظام المغربي.

ومن بين أساليبه الناعمة، وظف وسائل الإعلام لمهاجمة الإحتجاجات وعزلها بوصفها غير ذات أهمية بالنسبة للمغاربة خارج الريف. وشاعت عناوين الصحف التي تصور نشطاء الحراك كمهربين للمخدرات، وانفصاليين، وعملاء للبوليساريو، وعملاء للجزائر، غريمة المغرب، أو المتمردين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية. وفضلا عن ذلك، فإن تصوير الحركة على أنها هوياتية و”الإثنية” محضة، يسمح للنظام بمواجهة المطالب بالتنازلات الطفيفة القائمة على الهوية وتفادي الإصلاح الاقتصادي واتنموي الحقيقي. ولحفظ ماء الوجه، قام الملك أواخر الشهر الماضى بالعفو عن العديد من المعتقلين ووبخ المسؤولين المحليين.

وبالمقابل فقد استخدم النظام، أيضا، التدابير القمعية، التي تُعزى بشكل متزايد إلى القصر: قطع الإنترنت خلال فترات من الزمن، والإستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين والصحفيين، وإلقاء القبض على العشرات منهم، وتهديدهم، وتعذيبهم في السجن. وقد أعاد حادث وفاة عماد العتابي مؤخرا، جراء الإصابات التي لحقت به خلال تدخل قمعي للشرطة، أعاد إلى السطح من جديد هذه الأساليب العنيفة.

أكيد أن الكثيرين ما زالوا يحبون الملك، في حين أن البعض الآخر مشغول أكثر بتحصيل المعيش اليومي، ومن المبكر جدا تأبين الملكية. ومع ذلك، فإن العناصر الرئيسية في توازن المغرب ـ الخوف من الفوضى الإقليمية، وحرمة النظام الملكي، ولامبالاة المغاربة تجاه تجاوزات السلطة، والآليات المذهلة للحكومة في ميدان العلاقات العامة ـ صارت ضعيفة. وإذا كان هناك درس يستفاد من الربيع العربي، فإن العديد من الأنظمة المستقرة تحافظ على توازن دقيق حتى تعجز عن الإستمرار لفترة أطول.

 
فيش ساكتيفيل، خبير في السياسات المغربية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
المقال الاصلي
http://ift.tt/2x2no5H

The post حراك الريف والملكية والإستثناء المغربي بعيون “واشنطن بوسط” appeared first on بديل.

http://ift.tt/eA8V8J حراك الريف والملكية والإستثناء المغربي بعيون “واشنطن بوسط”
via Badil.info support التسميات : #المغرب #كوميديا #يوتيوب #ناصر_الزفزافي #العياشة #المهداوي #هسبريس #شوف_Tv #تيفي #الريف #خطبة_الجمعة #الحسيمة #حراك_الريف #الحكومة #الماسونية #فقيه_الجامع #مؤدن #المسجد #وزارة_الداخلية #وزارة_الأوقاف_والشؤون_الإسلامية #البرلمان #بنكيران #الحكومة_المغربية #الصراحة_كوميك #badil_info #tvmaroc #shouftv #hespress #akhbar #alyoum24 #ramadan

0 تعليق على موضوع "حراك الريف والملكية والإستثناء المغربي بعيون “واشنطن بوسط”"


الإبتساماتإخفاء