مصطفى المنوزي
كثير منا تنفس الصعداء عندما اسدل الستار عن اول خروج تعبيري لمغاربة منطقة الحسيمة ، الذين خلص الاعلام اامحلي والدولي ، دون التركيز على الملف المطلبي ، الى ان الحراك السلمي نجح في رد الاتهامات الموجهة الى المتظاهرين كانفصاليين وما رافق حراك الخميس ، الذي شاءت الظروف الوطنية والعقلانية ان لا يكون اسود ، ادانة العمل الحزبي بالتركيز والتخصيص ، والحال ان في الامر نقطتين ينبغي ان تكونا محل نقد وتشريح ، الاولى ان الدولة حزب كبير ، بل فدرالية احزاب يمينية ومحافظة في جبة ليبرالية او اقطاعية تجمع بين الدين والريع والقبلية احيانا ، في حين ان الاغلبية الحكومية ما هي الا تكتل من موظفين سامين رهن اشارة دولة تصنع القرارات والطبقات ، غير خاضعين ، كما الدولة نفسها ، لاي محاسبة ، ما عدا الحزب الاغلبي الذي يراس الحكومة ، الذي يراهن الناس على صناديق الاقتراع كي تحاسبه خلال كل محطة استحقاقية . والنقطة الثانية تتعلق بما سمي تأكيد الوطنية برد تهمة الانفصال ، والحال ان لكل خيار ، وطنية الاتصال او نزعة الانفصال نفس لا يج بمجرد رفع اشعار او رد فعل ، خاصة في ظل تكالب عناصر خارجية ؟ دابنا على تسميتها بتوتر العلاقة مع الجوار والاستعمار ، بغض النظر عن ارتباط المنطقة بالمهجر كمصدر للعيش والانفتاح على الحس الدمقراطي من تعددية والحق في تقرير المصير الاجتماعي والاقتصادي من باب المشاركة السياسية ، على اعتبار ان العملية الانتخابية انتقلت من التزوير المباشر الى توجيه الرأي الناخب بالتقطيع والانزال في ظل وهن القوى التقدمية وتصاعد المد المحافظ ، عززه خيار العقل الامني لعزل المنطقة عن الذاكرة الجماعية الوطنية ، بمحاولة ترسيخ العقدة التاريخية تجاه الحركة الوطنية والدمقراطية ، التي نسب الى قياداتها تهم اجهاض المد التحرري داخل صفوف جيش التحرير وصد مشروع جمهورية الامير الخطابي ، فيما يشبه الحق ابذي يراد به باطل ، مما يطرح سؤال الريادة وافق تدبير الحراك الذي هو عفوي في مظهره ومتواصل كحالة نضالية غير مؤطرة بمشروع واضح المعالم ، فحضور البعد الامازيغي سميولوجيا من خلال تصدر العلم الامازيغي مقترنا براية جمهورية الريف ، رغم ان الامير كان قوميا بمرجعية اسلامية ، بغض النظر عن اقصاء مطلق العلم الرسمي للبلاد ، والذي يتعمد البعض ان يبرر الموقف بكونه من صنع ليوطي ، والحال ان هناك من لايقتنع بهذا المبرر ، وكان الحضور الرمزي للعلم من باب تقدير التعددية في ثمثل المخيال الوطني ، مادام جل الوطنيين المغاربة يلتحفونه يوم رحيلهم الى المثوى الاخير كعربون الفداء والتضحية الوطنية ، مما يطرح سؤال المرجعية والهوية ، باعتبار ان الأمن الإنساني والروحي والقيمى لا تضمنه السياسات التنموية الرثة ولا معارضتها بالشعارات والتكفير او تخوين التاريخ والارادات ، وعندما نؤكد على المرجعية وهوية قياد الحراك ، فان ذلك يعني ان الخطاب كمظهر يؤطر الرمزية السيميائية لجوهر وافق الحراك ، ينبغي تشخيص مقتضياته في ضوء تقيي خلفيات الربيع العربي وتداعياته الموؤودة ، فمنذ واقعة اغتيال محسن فكري ، ظهرت عدة مؤشرات توحي بملامح حضور النفحة الاخلاقية والدينية ، ولعل احداها عملية حمل الاكفان والتوابيث في تظاهرة بنفس المنطقة ، الشيء الذي يطرح مطلب الافتحاص الثقافي والمرجعية الفكرية في سياق ضمان الأمن الروحي لمواطني المنطقة ولكن ليس بمنطق التضييق على حرية الاعتقاد وحرية الفكر ، وإلا الحماية نفسها إلى انتهاك لحقوق الإنسان ، مما يستدعي رد الاعتبار للتفكير النقدي في مناهج المنظومة التربوية ،لأن حرية الاختيار و حرية التدين مهددتان من داخل ممارسة الشعائر نفسها بحكم تماهي الخلاف مع الاختلاف في العلاقة مع التمذهب والتشيع وانتعاش التطرف والعنف ، فالاحزاب التي تعتبر نفسها غير حكومية وغير مدجنة او ممخزنة ، ملزمة بمواكبة الحراكات بالتاطير والتنطيم عوض الاكتفاءبالتضامن والمؤازرة المعنوية ، عبر استراتيجيا واضحة المعالم ، فالصراع ثقافي قبل ان يكون سياسيا ، ولنأخذ العبرة من التداعيات السلبية التي تصدرها إلينا السلفية الوهابية بذريعة حماية الملة والدين ، والتي لا تقل شرا عن حملات التبشير والتنصير ، والحل ليكاتس في تكريس المقاربة العقابية وانما في تحصين الحقوق والحريات من اختراق السياسة للدين والعكس صحيح في ارتباط مع الدين الذي ينبغي فصله عن السياسة على المحافظين الذين يزعمون أنهم أوصياء على « العقل» الايماني أن يوجهوا فوهات بنادقهم إلى الاستعمار ومخلفاته، وإلى تطهير الماضي من مظاهر الاستبداد الشرقي والغربي ، ومن شروط التبعية الاقتصادية والمالية والثقافية والروحية أيضا باعتبار أن الرأسمالية النيوليبرالية محافظة الجذور ودينية الخلفيات والوسائل ، بحكم أنها ومنذ أحداث شتنبر، صارت تستعمل الدين باسم مناصرة « المشروعيات » المستندة للشرعية الدينية ، والنزاهة الموضوعية تقتضي احترام التراكم الوطني المشترك ،لأن مطالب الديمقراطيين والتقدميين تستمد شرعيتها من مقتضيات المشروع الوطني التحرري الذي صاغ مقدماته الفكرية رواد الحركة الوطنية ، باستحضار فضيلة الاعتدال الكامنة في إسلام المغاربة ، ولقد كانت السلفية الايجابية لديهم شرطا لمواجهة الغزو الأجنبي المقوض للهويات والسيادة ، لذلك فكل مجهود ينبغي أن ينصب على إصلاح المنظومة التربوية بتعزيز الفكر النقدي والانفتاح على ثقافة التحرر وحقوق الانسان ، وبتعويض المقاربات الأمنية بالممارسة القانونية الخالصة من الايديولوجيا والنزعات العقائدية ،قد تختل موازين القوة لصالح طرف معين في المشهد السياسي ، و قد اختلت في مغربنا منذ عقود ، ولكن التعسف في استعمال هذا الحق العابر ، بمنطق الزمن الإجتماعي ، قد يضخم من القوة نفسها و يشرعن للحق في احتكار العنف ، ولكن ما جدوى التباهي بالاستقرار السياسي في ظل انعدام الأمن الإنساني ، الذي دونه ستقوض سلطة الحاكمين الأخلاقية ، في عالم يبحث العقلاء في سبل مناهضة و مقاومة انهيار قيم العدالة والالتزام ، حيث لا قوة خارج السلطة الأخلاقية ، و حذار من التفاؤل الغبي الذي تنتجه تداعيات « عدالة المنتصرين » فليست لحظات السعادة سوى حالة انفعال ، قد تخدع الذوات في حالة التمادي غير العقلاني ، فالوطن في مسيس الحاجة إلى دولة قوية بدل مخيفة ، ودولة آمنة بدل أمنية ، وهذه مقتضيات لن يؤطرها سوى تعاقد اجتماعي يبرر لامكانيات التدبير السلمي للصراع ، مادام الإذعان والشطط في فرض القرار الأمني والسياسي والتشريعي يعد عنفا رمزيا يبدد كل شروط التمرين على صناعة التحول الديمقراطي .
مصطفى المنوزي منسق الزمن الإجتماعي والتواصل التاريخي
The post الحراك من التثمين السياسي الى التحصين الثقافي appeared first on بديل.
http://ift.tt/eA8V8J الحراك من التثمين السياسي الى التحصين الثقافيvia Badil.info شريف بلمصطفى التسميات : #المغرب #كوميديا #يوتيوب #ناصر_الزفزافي #العياشة #المهداوي #هسبريس #شوف_Tv #تيفي #الريف #خطبة_الجمعة #الحسيمة #حراك_الريف #الحكومة #الماسونية #فقيه_الجامع #مؤدن #المسجد #وزارة_الداخلية #وزارة_الأوقاف_والشؤون_الإسلامية #البرلمان #بنكيران #الحكومة_المغربية #الصراحة_كوميك #badil_info #tvmaroc #shouftv #hespress #akhbar #alyoum24 #ramadan
0 تعليق على موضوع "الحراك من التثمين السياسي الى التحصين الثقافي"
الإبتساماتإخفاء